الثلاثاء، 4 مايو 2021

ويمضي العمر


   حين تفقد عزيزا ويستوطن السواد روحك تعجب كيف أن حزنك لايصبغ الكون، كيف تشرق الشمس في موعدها والحركة دائبة في الشوارع .. والمذياع يبث كالعادة أغاني الفرح الخفيفة، ونشرة الأخبار على شاشة التلفاز تنقل لك كل كوارث العالم سوى كارثتك العظمی.. هكذا كتبت إحداهن حين فقدت عزيزا، فسرح عقلي بين ثنيات كلماتها ووضعت نفسي في ذات المكان لزمان لا أدري متى يأتي.. أيعقل أن أتخيل كيف أبدو حين أفقد عزيزا لي ؟؟؟

وعندما بدأت أنفتح على أخبار العالم من حولي لم يكن هناك شئ يقال ولايكتب ولايتذوق ولايشتم غير الموت في أي مكان وأي زمان كان وحده الحقيقة.. والحقيقة الوحيدة المستمرة أيضا..

فكان هذا وحده كافي ليجعلني أتصالح مع الموت كحدث حتمي الحدوث، ولم أكن وقتها قد تعرضت لفقد عظيم .. وبعد مرور فترة وجيزة توفي الأب الروحي ومعلمي الأول والذي لفرط وقاره وهيبته لم أتوقع في حياتي أن يباغته الموت يوما, فهو المثل الأعلى والقدوة والنموذج المثالي بالنسبة لي والرجل الأقوى على الإطلاق وكانت له قدرة على شرح مادة التاريخ لدرجة قد تشعر انك في قلب الحدث وكشاشة HD ثلاثية الابعاد وأتذكر أنني شعرت بدماء غردون تلطخ وجهي حين كان يشرح مقتله، فكان هو وكانت تلك أيامنا معه ومضى هو وبقينا نحن وفي ذات الدرب سائرون..

وفي ذات وقت تجرأت أن أفكر في فقد أحبائي وكيف سيكون حالي عندها إن لم يأخذني الموت قبلهم.... ففي بداية طفولتي توقعت أني سأموت بعدهم فوراً ثم كبرت قليلا ،فقررت أني سأنتحر وعندما وعيت قليلاً عرفت أن أفضل طريقة تودع بها من تحب أن تدعو له بالرحمة والمغفرة...

ماذا سيحدث إن تصالح العالم مع الموت كفكرة وكحقيقة مستمرة، إن أدركوا أن الموت ليس الأسوأ على الإطلاق.. إن تمعنوا في هذه الأية (قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجمعة - 8)... حينها لن يكون الخوف الاكبر وربما لن يقتل شخصا .. شخصا اخر.

وما الدنيا إلا لحظات نعيشها فلنتسابق على التقوى وفعل الخير ولن نأمن الموت على أحبائنا إلا لو أحسنوا عمل الدنيا وكما قال الله تعالی: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)العنكبوت:57-58.

كيف نبكيهم ونحن لم نفقد صدى كلماتهم وضحكاتهم ونصائحهم التي لن تغادرنا مهما حيينا فلربما لن نعيش اكثر مما عشناه معهم  وكل ما منحونا إياه كاف لجعلنا نعيش حياة أخرى في عالم مضى وعالم آت.. نحن لن نفقدهم إلا بفقدنا ذاكرتنا فصورهم وأحلامهم ومقتنياتهم وأحبائهم ما زالوا حولنا نراهم من خلالها.. ونعيش بها ما تبقى من عمرنا (فالخلود ليس هو الإمتداد في الزمن بل هو الإمتداد في أعماق اللحظة )... فبأي طريقة أتي الموت فليأتي وبأي نكهة وبأي مذاق كان .. فإن كان مؤلما، قاسيا ، مهينا ، هادئا ،باردا فهو نهاية المطاف ووحده الحقيقة المستمرة ما دمنا أحياء.. وهكذا يمضي العمر ونحن بين فجيعة وأخرى ألم وأخر فكرة وأخرى...

الأحد، 31 يناير 2021

كيف يتعلم الطلاب وهم جياع !!؟؟

 


حين تضعُ أم أو يضعُ أبٌ لقمةً في فم طفلهما فإن الطعام يكون حناناً, وحين تُولم أسرة احتفالاً ببلوغ ابن أو ابنة لها مبلغ الرجال أو النساء يكون الطعام  لمة واجتماعاً, وحين يضجُ الفتية والفتيات بالضحك والصياح وهم يتبادلون المأكولات الطيبة حين خروجهم من المدرسة  فإن الطعام يكون فرحاً.. هذا ما جاء في تقرير اليونيسف للعام 2019 عن الأطفال والغذاء.. وإني والله لا أستطيع تعريف ووصف الشعور حين يخرج الفتية والفتيات من مدارسهم ولم يستطيعوا الحصول على قطعة خبز على مدار اليوم.

عندما أراقب تلك الأخبار والتطورات المتراجعة إلى الخلف تنتابني وتجتاح عقلي عدة تساؤلات .. أبرزها وأكثرها,, أسفاً كيف يتعلم الطلاب وهم جياع ؟؟ إنها ليست أزمة خبز وليست أزمة اقتصادية فقط ؟؟ بل أزمة لها انعكاسات بعيدة الأمد.. ما الذي أتوقعه من طالب يذهب الى المدرسة صباحاً بعد المعافرة مع وسائل المواصلات وقد أنهكه التعب.. ثم يخرج لوقت الإفطار فلا يجد ما يأكله؟؟ ما الذي أتوقعه وأنتظره من معلم يقضي أغلب يومه في البحث عن أدوية تكاد تكون منعدمة لوالده المسن؟ وجُل تفكيره ينحصر في كيفية الوصول الى عمله والمغادرة منه؟؟ كيف يمكن ليوم دراسي مثل هذا أن يكون مثمر؟؟ ولا وجود بداخل تلك الفصول لغير أذهان شاردة وأجساد منهكة تصبب عرقاً من إنقطاعات التيار الكهربائي المتكرر.

هذه الازمات الاقتصادية المتمثلة في صعوبة وانعدام الخبز وعدم توفر وسائل النقل تأثرتأثيراً كبيراً على الطلاب والمعلمين على حد سواء, فقد تتراوح هذه التأثيرات على طلاب المدارس من حيث ضعف الإدراك والاستعداد والأداء المدرسي الى ضعف نموهم المعرفي  واذا تجاوزنا التأثيرات اللحظية لا نستطيع أبدا تجاوز انعكاساتها على المدى البعيد والمتمثلة في ضعف امكانيات كسب لقمة العيش والانتاجية المستقبلية, مما قد ينذر بجيل ضائع يوسع من حلقة فقرٍ تدوم لأجيال عديدة.

يحتاج الوضع الاقتصادي عموماً والعملية التعليمية على وجه الخصوص للعديد  من الحلول العاجلة  لتوفير الاحتياجات الأساسية بأسرع وقت, فتلاميذ ناجحين ومبدعين يؤدي إلى مواطنين فاعلين ومؤثرين, ويستحق أن يحظى جميع الطلاب بأفضل بداية في حياتهم من أجل مستقبل لهم وللأمة جمعاء.

بقلم مناهل محمد أحمد

هكذا تجعل الخوف.. الداعم الأول لك!!

    نواجه في طريقنا ومسيرتنا الحياتية العديد من الصعوبات، وقد نقع أيضاً في فخ الضغوطات والظروف السيئة، ورغم ذلك نحاول   مواصلة الطريق باحثين...